«أى محاولة للتفكير فى الخروج من المأزق الاقتصادى الحالى هى مبادرة ايجابية.. فأجواء المنافسة السياسية الحالية لم تخرج لنا بطرح اقتصادى متماسك «كان ذلك تعليق المدير التنفيذى لإدارة الأصول ببنك الاستثمار المصرى «اتش سى» عمر رضوان، على الخطة الاقتصادية قصيرة الأجل التى قدمها المرشح الرئاسى المحتمل محمد البرادعى لرئيس الوزراء، بهدف إنقاذ الاقتصاد من الدخول فى موجة ركود مزمن نتيجة للتباطؤ الاقتصادى وتفاقم أزمة المديونية المصرية.

وبينما استطاع حزب النهضة أن يحقق أكبر نسبة تصويت فى أول انتخابات حرة بتونس، معتمدا على وعود اقتصادية أبرزها التعهد بتوفير 200 الف فرصة عمل فى عام، يوجه خبراء انتقادات للأحزاب المصرية المتنافسة لعدم تركيزها على الطرح الاقتصادى، «يجب أن نضع قضية توفير فرص العمل على رأس أولوياتنا فى الفترة القادمة، فلو استمررنا بالمعدلات الحالية قد نواجه ثورة جياع، وهو ما يدعم من أهمية مبادرات كخطة البرادى الاقتصادى «كما يقول محمد عجلان، عضو مجلس ادارة الغرفة التجارية بالقاهرة.

وكان معدل البطالة قد بلغ 11.9% وهو أعلى مستوى له فى عشر سنوات، وتطرح خطة البرادعى تقديم إعفاءات وحوافز ضريبية مؤقتة، ولمدة لا تزيد على سنتين للاستثمارات الجديدة فى المشروعات كثيفة العمالة، والتى تبدأ أعمالها فى الشهور القليلة المقبلة، وترى أميرة الحداد، استاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن تلك الفكرة قد تكون من أهم دوافع النمو الاقتصادى بشرط أن يتوفر فيها الشفافية حتى لا تقتصر تلك الحوافز على من لهم علاقة بالحكومة. ويشير رضوان إلى ضرورة مراعاة أن تكون تلك الحوافز على امتداد جغرافى واسع لتشغيل العمالة على مستوى الأقاليم.

كما دعا برنامج البرادعى إلى إعادة هيكلة الصندوق الاجتماعى للتنمية، وتختلف الحداد مع هذا الطرح، حيث ترى أن اداء الصندوق على مدار السنوات الماضية من حيث ارتفاع تكاليف اقراضه ومحدودية دورة فى التنمية، يستلزم تغيير المؤسسة بالكامل وليس فقط اصلاحها «علينا ان نفكر فى اساليب اكثر ابتكارا للتمويل الرخيص كتجربة بنك جرامين الشهيرة ببنجلاديش».

محاولة البحث عن سياسات لتنشيط الاقتصاد يشعر المواطن العادى بآثارها الايجابية بشكل مباشر، كانت واضحة فى بعض بنود برنامج البرادعى كدعوته لـ«تطبيق الحد الأدنى والأقصى للأجور فى جميع الجهات الحكومية فورا، تلبية لمطالب الموظفين والعمال العادلة، ولتفادى المزيد من الإضرابات، وزيادة القوة الشرائية فى السوق المحلية»، الا أن مشكلة ارتفاع الأسعار والتى تقف عائقا أمام تنشيط الاستهلاك كانت غائبة عن برنامج البرادعى برأى الحداد «يجب أن نفعل جهاز حماية المنافسة لتخفيض الأسعار الناتجة عن الممارسات الاحتكارية، فلا يعقل أن تظل صلاحياته مرهونة بإقرار الوزير للقضايا التى ترفع إلى النيابة».

وطرح البرادعى أيضا عدة أفكار لتطوير البنية الأساسية، وهى من الاستثمارات العامة المنشطة للاقتصاد، كتنفيذ برنامج وطنى للنهوض بالبنية التحتية للتنمية فى المناطق المهمشة عبر توسيع شبكة الصرف الصحى ومياه الشرب، واستكمال شبكة الغاز الطبيعى، إلى جانب تحسين المواصلات العامة بإضافة نحو 2500 أتوبيس نقل عام مصنعة فى مصر وتعمل بالغاز الطبيعى إلى أسطول النقل العام فى القاهرة والإسكندرية «تحسين شبكة النقل العام من أهم المشروعات التى تقلل من الهدر الاقتصادى، كالهدر فى الانفاق على الطاقة» كما يرى رضوان. ولم يغفل برنامج البرادعى بحث البدائل التمويلية للخزانة العامة، حيث طرح تعديلات فى السياسات المالية كان من أبرزها تفعيل مشروع قانون الضرائب العقارية المعطل منذ بدء احداث الثورة بشرط عدم فرضها على المسكن الأول «أعتقد أن تلك الخطوة سيكون لها دور تنشيطى مهم للقطاع العقارى، ومن الضرورى أن تضاف اليها اقتراح فرض ضرائب على الاراضى الفضاء للتشجيع على التسريع بوتيرة البناء»، كما يرى عجلان.

فيما انتقد الخبراء على خطة البرادعى طرحها لبعض الاقتراحات التى قد تكون ضرورية ولكن صعب تطبيقها على المدى القصير، كبعض الاقتراحات المقدمة فى مجال تنشيط السياحة «كيف نتحدث عن فتح اسواق غير تقليدية ونحن نتحدث عن خطة الحد الزمنى لتنفيذها لن يتجاوز العامين»، يتساءل عجلان.

 نقلا عن جريدة الشروق