ككثيراً ماتجلس إلى أحد أقاربك.. جدك أو أبيك أو عمك ويحدثك عن أسعار الأراضى فى المعادى أو المهندسين أو مساكن شيراتون أو 6 أكتوبر منذ 15 أو 20 أو 30 سنة ويبدى أسفه وندمه على الفرصة التى ضاعت حين كان متر الأرض فى هذه المناطق قروشا أو جنيهات معدودة وكان يرفض مثل غيره الشراء أو يفكر فى سكنى هذه الصحراء المتطرفة عن المدينة.
ثم حدثت طفرات لهذه  الأماكن رفعت أسعارها الى السماء ،هذا على الرغم من أنه لم يكن مخطط لها , ولعل هذا هو العذر الوحيد لأبيك أوجدك فى ضياع الفرصة لكن ماعذرك ونحن نقدمها لك فى هذا الملف.

 

فى غضون عام 2009 الماضى بدأت وزارة الإسكان ممثله فى هيئة التخطيط العمرانى بالإجابة على عدد من التساؤلات العامة المتعلقة بمستقبل إقليم القاهرة الكبرى، وانتهت إلى وضع رؤية إستراتيجية عامة للإقليم تشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية والسياحية والصناعية وغيرها بما يضمن تحقيق الانسجام بين تلك الأنشطة.
وتمحورت التساؤلات حول الوظيفة الاقتصادية التى يجب أن يكون عليها إقليم القاهرة الكبرى فى المستقبل الذى تم تحديد سقفه المبدئى بعام 2050، وهل سيكون المستقبل الاقتصادى صناعياً أم سياحياً؟ وكيف يمكن الاستفادة من التراث الحضارى الموجود بالإقليم؟ وكيف سيتم التعامل مع العشوائيات؟ هل سيتم خلخلتها من خلال فتح محاور مرورية بها أم تحزيم الكتل السكنية من الأطراف أو تنمية المناطق المركزية بالعشوائيات؟ وكيف ستتعامل الدولة مع الجزر النيلية؟ هل يتم الإبقاء عليها كما هى أم يتم تنميتها أو تحويلها لمتنزهات سياحية وما هو مستقبل المقابر الموجودة بقلب القاهرة ؟ وكيف يدار هذا الإقليم فى المستقبل؟ هل تتم إدارته ككيان واحد كبير؟ أم يتم إنشاء جهازاً تنفيذياً يضم مجلس إدارته المحافظين المشتركين فى الأقليم ورؤساء القطاعات والهيئات التنفيذية أم ستتوسع الإدارة بتقسيم الإقليم إلى عدد أكبر من المحافظات؟
.. لم تكن هذه التساؤلات بعيدة عن الواقع ولكنها منذ طرحها فى 2006 من قبل وزير الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية ورؤساء الهيئات التابعة للوزارات المختصة بهذا الشأن، تمت الإجابة التنفيذية عليها بتفعيل تقسيم إدارى جديد لمصر ليتوسع إقليم القاهرة الكبرى ويشمل خمس محافظات بعد ضم حلوان و6 أكتوبر، ثم إعلان وزارة الإسكان البدء فى تنفيذ الحى الحكومى الجديد بمدينة القاهرة الجديدة.
أما باقى التساؤلات فقد تمت بلورة الإجابة عليها فى مخطط القاهرة 2050 الذى تم استخلاصه من مجموعة الدراسات والمخططات التى شملت جميع أنحاء الإقليم.
مدينة جديدة
القاهرة فى إطار رؤية قومية لمصر 2050.. مدينة تستوعب زيادة سكانية قدرها 30 مليون نسمة.. وإقليم يضم 22 % من إجمالى سكان مصر و34% من إجمالى سكان الحضر.. مدينة جديدة تتغلب على المشكلات الحالية للإقليم من ارتفاع للزيادة السكانية بالكتلة العمرانية الرئيسية والزحام المرورى المتصاعد وعدم توافر البيئة المعيشية الملائمة لتحقيق جودة الحياة.. مدينة جديدة ممتلئة بالمساحات الخضراء لتنتقل من محدودية المناطق الخضراء والتى تقدر بـ 3م للشخص.
3 سنوات هى فترة الدراسة التى قامت بها هيئة التخطيط بالمشاركة مع البنك الدولى والأمم المتحدة وتم فيها تكليف خبراء متخصصين على المستوى المحلى بدراسة كل قطاعات التنمية والقيام بمحاورة ممثلى الوزرات المعنية من خلال ورش عمل متعددة استمرت لمدة 9 أشهر لرصد نقاط القوة والضعف والاتفاق على المشروعات ذات الأولوية ووضع صياغة نهائية للرؤية المستقبلية .
أهداف الرؤية
وتحددت أهم أهداف الرؤية فى كون القاهرة مدينة عالمية بأن تكون بوابة أفريقيا وأفضل عواصم الشرق ومركز ثقل إقليمى وعالمى سياسيا وإدرايا وثقافيا وسياحيا واقتصاديا وعاصمة للتراث العالمى، مدينة خضراء تحتوى على ممرات وطرق للمشاة ومناطق مفتوحة وساحات عامة كرئة ومتنفس لساكنيها لتحقيق المعدل العالمى لنصيب الفرد من المساحات الخضراء، مدينة مترابطة اجتماعيا تتميز بالعدالة الاجتماعية والتعاون بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المحلى ومترابطة بشبكات جديدة من الطرق والمواصلات وتكنولوجيا لتتمتع بشبكة من الطرق لمشاة وراكبى الدراجات
لكى لا تكون مجرد رؤية كان لا بد من طرح بعض الركائز الأساسية لترجمة الأهداف إلى نقاط يمكن الاحتكام إليها وقت التطبيق لتتحدد فى استثمار واستغلال مقومات إقليم القاهرة الكبرى باعتباره إقليم العاصمة المصرية التاريخية والثقافية والسياحية والاجتماعية والحفاظ على المناطق التاريخية وتأهيلها بما يتناسب مع قيمتها ودمجها ضمن الرؤية الاستراتيجية لإقليم القاهرة الكبرى، وتحديد الاحتياجات الملحة للتنمية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والعمرانية للمجتمع المحلى وتوفير فرص العمل واستثمار الطاقات البشرية والعمل على الارتقاء بالأحياء الفقيرة والمناطق العشوائية القائمة داخل الإقليم والمناطق المجاورة له، واستحداث بيانات سكنية تتناسب مع خطة الدولة لعمليات تحزيم العشوائيات لخلق مجتمع سليم ومتعافى.
ركائز أخرى أساسية تفرض أهميتها فى ظل التطوير كنقل استعمالات الأراضى المسببة للتلوث بعيدا عن وسط المدينة وتحسين وخلق شبكات الطرق والأنفاق والموصلات داخل إقليم القاهرة الكبرى وربطها بالطرق المحلية والإقليمية والدولية.
ونقل الوزارات والمبانى العامة خارج وسط المدينة إلى مركز الحكومة الجديد الكائن على أطراف الإقليم مع ربطه بشبكة الطرق والموصلات لتسهيل انتقال المواطنين من وإلى مقار أعمالهم، لتنتهى الركائز عند تعزيز انتماء الأهالى للمجتمع وتشجيعهم على تفعيل عمليات التنمية المستدامة لمشروع الرؤية القومية لإقليم القاهرة الكبرى.
محاور التطبيق
وفى المشروع سوف يتم توفير 2،5 مليون وحدة سكنية بكافة الخدمات ووسائل النقل اللازمة بمعايير دولية لمواجهة عمليات الخلخلة لكل من القاهرة والجيزة وإعادة توزيع السكان لتطوير المناطق غير الآمنة وغير المخططة، وهو المحور الأساسى من خلال عمليات الخلخلة فى إطار خطة تنفيذية ونطاق زمنى محدد فى وسط تساؤلات عن مصير السكان المهجّرين ووعود وتأكيدات دائمة من وزير الاسكان والمسؤلين بعدم المساس بأى من حقوق الأهالى فى الحصول على مسكن بديل، تحقيقا للمبادئ الأساسية للإسكان فى العاصمة من سكن متحضر ذات جودة عالية وتطوير المناطق العشوائية بتحويلها إلى مناطق مخططة كاملة المرافق والخدمات فى ظل مراعاة البعد الاجتماعى للأهالى.
ويتعامل المخطط مع العشوائيات القائمة من خلال تقسيمها إلى مناطق غير آمنة ومناطق غير مخططة فيرى الأولى على أنها مناطق عمرانية متهالكة وذات خطورة على أرواح ساكنيها مثل العشش والمبانى المتدهورة وغير الثابتة ومناطق ذات خطورة على الصحة العامة وفى نفس الوقت لا تتمتع بالحيازة القانونية.
وحددت الرؤية تطوير المناطق المتدهورة خلال 10 سنوات من الآن لتشمل تطوير الدويقة بمنشية ناصر وعزبة خير الله واسطبل عنتر ووادى فرعون والشهبة وعزبة العرب ومنطقة أبو القرن وعزبة الهجانة وعزبة النصر وتل العقارب وحكر السكاكينى وعزبة أبو حشيش بالقاهرة ومنطقة عشش السكة الحديد ومنطقة سن العجوزة بنزلة السمان والزبالين ورابعة بالجيزة وعزبة الصفيح وعرب السلام وعزبة العمدة بحلوان وعرب رضوان ورستم وسيدى خضر القطاوى وعزبة الجمال بالقليوبية.
فى الوقت الذى تتعامل فيه الرؤية أيضا مع تطوير المناطق غير المخططة والتى تمثل 50% من كتلة القاهرة الكبرى من خلال توفير الخدمات الأساسية المطلوبة لكل منطقة على الجيوب والمتخللات والأراضى الفضاء لتطوير كل من عين شمس والمطرية ودار السلام وشبرا الخيمة والخصوص وبولاق الدكرور وإمبابة وشمال الجيزة والمنيب.