“التفاؤل الممزوج بالشك والريبة” هذا هو الوصف الأمثل لشعور محدودى الدخل وقت استقبالهم للمشروع القومى للإسكان الاجتماعى والذى يضم مليون وحدة سكنية. وإذا كانت أسباب التفاؤل معروفة، فأسباب الشك والريبة تتعلق بالتجربة السابقة أيضا لمحدودى الدخل مع مشروع مبارك للإسكان وهى لم تكن على أية حال تجربة جيدة، لهذا السبب تحديدا استطلعت “جدران” آراء المستحقين والمستفيدين من هذا المشروع لكي يضعها صاحب القرار في الاعتبار عند التخطيط أو التنفيذ الفعلي للمشروع.

أحمد محمود إبراهيم – 23 عاما حاصل على دبلوم زراعة – يرى أن مساحة الوحدة السكنية التي تم الإعلان عنها في وسائل الإعلام وتترواح بين 60 و 70 مترا ليست كافية لوحدة سكنية تستوعب أسرة صغيرة، موضحاً أن أقل مساحة يجب أن تكون 80 مترا
وهي المساحة التي تكفي لتقسيم الوحدة إلى 3حجرات صغيرة بالإضافة إلى مطبخ وحمام وهي المساحة المعقولة حتى نطلق عليها “شقة سكنية”.

تخوفات
وأوضح أن هناك تخوفا من أن يكون موقع هذه الوحدات في أطراف المدن الجديدة ولا يوجد بها الخدمات الكافية وعدم توافر مواصلات وطرق وصرف الصحي بها، وكذلك هناك تخوف من أن تكون المناطق السكنية المتوفرة بها تلك الوحدات بعيدة عن أماكن العمل.

ويتفق إبراهيم على – موظف ويبلغ من العمر 30 عاماً – مع المخاوف السابقة مؤكدا أنه يجب وضع آلية أو قانون يضمن تحقيق العدالة في توزيع الوحدات السكنية ووصولها إلى المستحقين بالفعل، بالإضافة إلى تشريع القوانين التي تمنع بيع المستفيد للوحدة التى يحصل عليها بعد ذلك، حيث إن هناك كثيرا من المتقدمين يمتلكون وحدات سكنية أخرى، ولكن يتقدمون بطلبات الحجز هذه للإتجار في الشقق السكنية وبيعها بعد ذلك لتحقيق أرباح مادية وهو ما يجب أن تلتفت إليه الدولة في هذا المشروع الجديد.

إيجار “تمليكى”
وأضاف أن طريقة الإيجار التمليكي جيدة جدا وتناسب مثل هذا المشروع، حيث يدفع المستفيد قسطا شهريا لعدد من السنوات ولمدة طويلة، وبعدها يصبح المستفيد مالكا للشقة السكنية، مشيرا إلى أنه يريد أولا معرفة المعايير التي على أساسها يتم وضع الشروط لرفض أو قبول المتقدمين لهذا المشروع القومي.

أما على أحمد خليفة – مدرس ويبلغ من العمر 25 عاماً – فيرى أنه يجب أن تكون مساحة الوحدة السكنية تتراوح بين 80 و 90 مترا
مع ضمان توافر الخدمات والمرافق وعدم ارتفاع أسعار الشقق السكنية، بحيث يكون القسط الشهري للشقة يتراوح بين 150 و 200 جنيه، موضحاً أنه يتقاضي مرتبا شهريا لا يزيد على 500 جنيه، ولذلك يجب أن تكون الأقساط الشهرية في متناول الجميع. وأكد أن هناك تخوفات من انخفاض مستوى أعمال التشطيبات للوحدات السكنية حيث من الممكن عدم الاهتمام بأعمال التشطيبات مثلما حدث في شقق بعض الجمعيات التعاونية، والتى ظهرت بها تشققات وعيوب فى التشطيبات بعد مرور 10 سنوات.

قريبة للعمل
بينما يخشى حسين على أحمد والذى يعمل فى مدينة العبور، من أن تكون الشقة التى سيحصل عليها فى إحدى المدن الجديدة البعيدة عن العبور والتى لن تشارك في مشروع المليون وحدة سكنية، موضحا أنه يتمنى أن يتم تخصيص شقة له في مدينة قريبة من محل عمله، حتى لا ينفق نصف دخله على المواصلات للانتقال بين محل إقامته ومقر عمله.

حقيقى
أما هاني عمار – يعمل بالقطاع الخاص – فيتمنى أن يكون المشروع القومي الجديد للإسكان مشروعا حقيقيا، وليس فقط لتهدئة أو إرضاء الشعب في هذه الفترة التي تمر بها البلاد ، لافتا إلى أنه إذا كان مشروع حقيقي فيجب ألا تقل مساحة الشقة عن 80 مترا، وهو مطلب يجب أن تضعه الدولة في اعتبارها عند التخطيط للمشروع الجديد، كما يجب أن تضمن الدولة تسليم الوحدات في المواعيد المحددة لها وعدم مماطلة الشركات في الأسعار أو مواعيد التسليم، بالإضافة إلى ضرورة التزام الحكومة بالانتهاء من المشروع بالكامل خلال مدة التنفيذ المعلن عنها وهى 5سنوات.

حق شرعى
وتعليقا على ما يطلبه المستفيدون من المشروع، يقول الخبير الاقتصادي الدكتور حمدي عبد العظيم أن مطلب عدم انخفاض مساحة الوحدة السكنية عن 80 مترا كحد أدني هو حق شرعي وعلى الدولة مراعاة ذلك عند تنفيذ المشروع، مشيرا إلى أن المساحة المعلن عنها والتي تترواح بين 60 و 70 مترا غير مناسبة إطلاقاً، خاصة وأن الشباب لا يضمن الحصول في المستقبل على وحدة سكنية أكبر، عندما ينجب طفلين أو ثلاثة وتصبح الشقة غير مناسبة لعائلة بهذا العدد، بالإضافة إلى أن التقاليد الاجتماعية الخاصة بمواصفات الشقة في مصر تميل إلى اتساع هذه الوحدات، مؤكدا أن مساحة 80 مترا للوحدة تكفي بالكاد لتقسيمها إلى 3 حجرات وصالة ومطبخ وحمام.

وأضاف أنه يجب التأكد من وصول الشقق لمستحقيها بالفعل بكافة الوسائل المتاحة للدولة، حيث إن الفرد الذي حصل على وحدة سكنية من أي مصدر آخر سواء الإسكان القومي السابق أو من وزارة الإسكان أو إحدى الجمعيات التعاونية لا بد أن يتم استبعاده من المشروع القومى الجديد.

وأكد على ضرورة أن يكون تخصيص وحدات المشروع للمستفيدين مشروطا بعدم البيع لأن البعض بالفعل قام بالحصول على وحدات مدعمة من الدولة ثم يقوم ببيعها فور تخصيصها له، ولذلك فإنه من الأفضل طرح تلك الوحدات للمستفيدين بنظام حق الانتفاع، مع ضرورة التأكيد فى عقد التخصيص على عدم أحقية المنتفع من الشقة فى التنازل عن حق الانتفاع للغير، مشيرا إلى أن البعض يتحايل على عدم البيع بالتنازل عن حق الانتفاع.

مشاركة القطاع الخاص
وعن مشاركة القطاع الخاص في هذا المشروع، يرى عبد العظيم أن ذلك أمر ضرورى في ظل قانون مشاركة القطاع الخاص مع القطاع العام فى تنفيذ المشروعات القومية، مع الوضع فى الحسبان أن القطاع الخاص يهدف إلى تحقيق أكبر هامش ربح ممكن ولذلك يجب على الدولة أن تلزمه بنسبة ربح وأن تكون نسبة معقولة تتناسب مع معدل دخل الشباب المستفيد الأول من المشروع وفقا لما أعلنته الحكومة. وأشار إلى أن القطاع الخاص سوف يساعد الدولة على الالتزام بتنفيذ المشروع في المواعيد المحددة ولا يوجد مانع من تولي القطاع الخاص الإدارة والتمويل والتنفيذ ولكن بضوابط خاصة، مؤكدا أن الدولة لا يتوافر لها كل الإمكانيات لتنفيذ المشروع وحدها.

نقلا عن مجلة عقارماب العقارية